يقول الشيخ رحمه الله: إن قول الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى: (وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق) عبارة عظيمة، والعطف في قوله: (والبيان) له حكمة ذكرناها وستأتي في آخر البيان إن شاء الله.
والإمام الطحاوي رحمه الله بهذه العبارة يرد على الجهمية و المعطلة و المعتزلة و الرافضة ، وذكره لهذه الفرق الأربع فقط هو على سبيل التمثيل.
قال: (بل كل فريق من أرباب البدع...) أي: فالواقع أن كل أهل البدع لا بد أن يردوا شيئاً من الأحاديث إن لم يردوا الأحاديث الصحيحة كلها وهذا على سبيل التمثيل، وأشهر أولئك هم المتكلمون الذين يشملهم كلامه، وقوله: (الجهمية و المعطلة و المعتزلة) يجمعهم كلمة: المتكلمون، ويضاف إلى ذلك الأشعرية و الماتريدية ، إذ إنهم أيضاً من جملة المتكلمين، فالرادون للنصوص على هذا المنهج، وبهذه الاعتبارات التي ذكرها هنا الشيخ، يجمعهم في الحقيقة طائفتان: الفلاسفة أو المتكلمون، فهذان طائفتان أو منهجان كبيران تحت كل منهج من الطوائف والأفراد ما لا يعلم عدده إلا الله تعالى.
فالطائفة الأولى: من اتخذ أهلها سبيل المعقول كما يدعون، وهؤلاء هم المتكلمون والفلاسفة .
الطائفة الثانية: التي اتخذ أهلها سبيل الكشف والوجد والذوق وما أشبه ذلك مما يعبرون عنه أحياناً بالعلم اللدني أو العلم الباطن، وهؤلاء هم معاشر وطوائف الصوفية على اختلاف درجاتهم ومراتبهم من أهل الحلول والاتحاد ووحدة الوجود، إلى من كان دون ذلك من طرق كثيرة لا تحصى.
فهذان هما الطرفان في هذه الأمة.